مشروع قانون جديد بشأن التنظيمات النقابية للعاملين والموظفين في العراق:اتحاد نقابات عمال العراق يقدّم توصياته

الخلفية والتاريخ

 

في عام 2022، ولأول مرة منذ انضمامه إلى منظمة العمل الدولية عام 1932، تمّ وضع العراق على “القائمة القصيرة” للمنظمة خلال الدّورة 110 لمؤتمر العمل الدّولي. إذ اتُّهِمَ العراق بانتهاك اتفاقيّات كان قد صادق عليها، على غرار الاتفاقية رقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.

 

وبعد سنة من ذلك، صنّفت النسخة العاشرة لمؤشّر الحقوق العالمية للاتحاد الدولي لنقابات العمّال، العراق من بين الدّول التي لا يوجد فيها أيّ ضمان للحقوق. بالرّغم من إقرار التشريعات بحقّ الحريّة النقابية، إلا أنّه يخضع لقوانين صارمة، ممّا يحدّ من قدرة العمّال على ممارسة هذا الحق الأساسي. إذ توجد بالفعل، قيود كبيرة على العمّال بالنسبة لإمكانية تشكيلهم لنقابات واختيارهم الانضمام إليها. ويفرض القانون نظاما نقابيّا واحدا، ويمارس حضرا على تكوين نقابات أو اتحادات نقابية أخرى، ممّا خلق بالتالي واقع احتكار للاتحاد العام لنقابات عمال العراق. كم تُحرَم فئات معيّنة من العاملين، لا سيما الموظفين العموميين، من الحق في التنظّم نقابيّا، بموجب القانون رقم 150 لسنة 1987.  بل إنّ هذا القانون حوّل وضع موظفي المؤسّسات العامّة إلى موظفين عموميين، وحرمهم بذلك من حق التنظيم والمفاوضة الجماعيّة. كما تمّ تحجير الإضراب على موظفي القطاع العام بموجب القانون رقم 150 لسنة 1987.

 

يحدث هذا، بينما ينصّ الدّستور العراقي بوضوح على حريّة التّنظيم النّقابي، حيث جاء في مادته 22 : « تكفل الدّولة حقّ تأسيس النّقابات والاتحادات المهنيّة والانضمام إليها، وينظم ذلك بقانون» . كما نصّ قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 في الفقرة 22 من المادة 1 على أنّ «منظمة العمّال: منظمة عمالية حرّة ذات استقلال مالي و إداري ولها شخصيّة معنويّة تمثّل مصالح العمّال و الدّفاع عن حقوقهم والعمل على تحسين ظروف عملهم وتمثيلهم أمام مختلف الجهات وفقا للقانون«.

 

 

نصّ جديد، تحفظات جديدة

 

دفعت التصنيفات الكارثيّة للعراق، من قبل منظمة العمل الدّولية والاتحاد الدّولي لنقابات العمال، العديد من النّقابيين إلى مطالبة السّلطات بتشريع قانون ينظم حقّ العمّال والموظفين في التنظيم النّقابي. وهو النص الموجود منذ عام 2018 والذي تمّ تأجيله عديد المرات. واليوم، عاد الموضوع أخيراً إلى الطاولة بمسودّة قانون أثارت العديد من التّحفظات.

 

وفي هذا الإطار شارك اتحاد نقابات عمال العراق في ورشة عمل انتظمت خلال الفترة من 8 إلى 10 سبتمبر 2023 في مدينة أربيل، حول مقترح القانون بشأن المنظمات النّقابية للعمال والموظفين في العراق. وانبثق عن هذه الورشة، التي نظمها مركز “المعلومة” للبحث والتّطوير، مجموعة من التوصيات والتعديلات، تهدف إلى جعل مشروع القانون الجديد منسجما مع المعايير الدّولية الضامنة لحرية العمل النقابي.

وتبعا لذلك يوصي اتحاد نقابات عمال العراق أن تضاف إلى المادة الأولى من مشروع القانون، التّعريفات التّالية:

–  تعريف للحرفيين (العاملين) حسب مستوى كفاءتهم في مؤسسات القطاع العام المتخصصة في الحرف والحرف المهنية.

–  تعريف للجنة النقابية بأنّها الهيكل الأساسي للمنظمات النّقابيّة.

–  تعريف للنقابة بأنها منظمة عمالية مستقلة، ذات شخصية معنوية، تتمتع باستقلال مالي وإداري – يمكّنها من تحقيق أهدافها – ويمثلها رئيسها.

هذه التعريفات، ستتيح في نهاية المطاف، من تحديد نطاق واضح ودقيق لتطبيق النّص الجديد بمجرد دخوله حيز التنفيذ. وبالتالي سيصبح من الأسهل على العمّال المطالبة بحقوقهم المذكورة في نفس النّص، لدى السّلطات المختصّة في حال نزاع أو غير ذلك.

وتعتبر المنظمة النقابية العراقية أنّه من الضروري أيضاً التعديل في المادّة الثانية من مشروع القانون الذي نصّ في نسخته الأوليّة على أن: «تنطبق أحكام هذا القانون على جميع العمّال والموظفين، كما تشمل منظماتهم النّقابية في جمهورية العراق»، مبيّنة أنّ هذه الأحكام تنطبق على جميع العاملين والموظفين «في القطاعات العامة والخاصة والمختلطة والتعاونية» وأنّ الاستثناء الوحيد ينطبق على القوات المسلحة وعناصر الأمن الداخلي، باستثناء الموظفين المدنيّين، الذين يجب أن تنطبق عليهم نفس هذه الأحكام التي يستفيد منها غيرهم من العاملين والموظفين.

 

أمّا في الجانب المخصّص للشروط المطلوبة لتشكيل نقابة، حدّدت السلطات العدد الأدنى للأشخاص لتقديم طلب بتكوين نقابة بـ 20 شخصا. ويرى اتحاد نقابات عمال العراق من الواجب مراجعة هذا العدد وإعادة النظر فيه. وأبرزت المنظمة النّقابية كذلك، أنّ اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة طلبات تكوين النقابات مطالبة بالاطلاع على “الوثائق المقدّمة” من الأشخاص المعنيين وليس على “وثائق التأسيس” كما هو وارد في مسودّة القانون في نسخته الحالية.

 

وينص مشروع القانون في المادة 19 منه، على أنه يجب على الأشخاص الراغبين في إنشاء نقابة جديدة، تقديم بعض العناصر للسّلطات المختصة ، في ظرف 30 يوما من انعقاد الاجتماع التأسيسي. ومن بين هذه العناصر يوجد «المستويات التي ستتدخل فيها النقابة والعمال والموظفين الذين ستمثلهم».  ويرى اتحاد نقابات عمال العراق لزوم استبدال هذا الجزء بما يلي: «المهن التي ستستهدفها النقابة الجديدة «.

 

وفيما يتعلق بمواعيد الاستجابة لطلبات تكوين النقابات العمالية الجديدة، ينصّ النصّ الحالي على أن «تنظر اللّجنة الوزاريّة المشكّلة وفقا لأحكام المادّة 18 من هذا القانون في طلبات الإيداع في غضون 30 يوم من تاريخ استلامها». وتقترح توصيات المنظمة النقابية كأجل 15 يوما، بداية من تاريخ استلام الطلبات المعنية.

 

وفي دراسة مخصّصة لهذا النصّ القانوني أثارت السكرتارية التّنفيذية للاتحاد العربي للنقابات من جانبها، عديد النقاط التي من شأنها أن تشكّل تهديدا لممارسة الحق النقابي الحر والمستقل. إذ، ينصّ الفصل 24 من مشروع القانون، فعلا، على أنّ اللجنة الوزارية مخوّلة لقبول الاعتراضات أو الطعون في شرعية المنظمات الأعضاء.

هذا الإجراء من شأنه خلق صراعات بين المنظمات النّقابية المتنافسة. كما أنّ الفصل 25  حدّد مدّة الولاية بأربع سنوات، في مخالفة للاتفاقيتين الدّوليتين للعمل رقم 87 و98، وقيّد مسبقا استقلالية المنظمات النقابية في تحديد نظمها وقوانينها الدّاخلية.