نقابات القطاع العام في الجزائر تقرر الدخول في إضراب ليومين احتجاجا على تدهور القدرة الشرائية

ما أطلق شرارة الغضب العمالي، كانت زيادات الحكومة الأخيرة في أجور موظفي القطاع العام، والتي قوبلت برفض جارف من قبل النقابات التي اعتبرتها عديمة القيمة ولا تلبي مطالب الموظفين. وفي أول رد فعل ميداني على قرار الحكومة، اختار تكتل النقابات الجزائرية لقطاع الوظيف العمومي الذي يضم 19 نقابة، تصعيد اللهجة والدخول في إضراب يومي 26 و27 أبريل/ نيسان الجاري، وهو توقيت حرج بالنسبة للحكومة لأنه يصادف أواخر شهر رمضان، حيث يكون الإقبال شديداً على بعض الخدمات العمومية مثل البريد حيث يستلم ملايين العمال والمتقاعدين أجورهم.

ورسمت بيان النقابات صورة سوداء عن الوضع، حيث ذكر أن دافع الإضراب هو “خطورة الوضعية الاجتماعية للموظفين وكل العمال والتي تنذر بانفجار الوضع وتهديد السلم الاجتماعي، ووقوف الحكومة عاجزة عن ضبط الارتفاع في الأسعار وتدني مستوى الخدمات العمومية والتضييق على الحماية الاجتماعية الناتج عن انخفاض قيمة العملة وارتفاع نسبة التضخم منذ سنوات، وعدم جدوى قرارات الحكومة الأخيرة بتخفيض نسب الضريبة على الدخل وتعديل الشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين وغياب أثرها الإيجابي على القدرة الشرائية للموظفين والعمال”.

وحدد التكتل النقابي سقفاً مرتفعاً للتفاوض مع الحكومة، مطالبا ب”رفع النقطة الاستدلالية إلى 100 دينار وإنشاء مرصد وطني لحماية القدرة الشرائية، وفتح ملف الأنظمة التعويضية لمراجعة المنح والعلاوات وتحيين منح المناطق على الأجر القاعدي الجديد بدل الأجر القاعدي لسنة 1989″. وتساوي النقطة الاستدلالية التي يحسب على أساسها الأجر 45 ديناراً، وهي قيمة امتنعت الحكومة مؤخراً عن رفعها ولجأت إلى طريقة أخرى لرفع الأجر عبر زيادة الرقم الاستدلالي وهو معامل حساب الأجر، فظهرت الزيادات مخيبة للآمال التي كانت معلقة عليها منذ إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عنها منذ نحو 7 أشهر.

وفي تعليقه على هذه الزيادات، قال مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بالإعلام بالمجلس الوطني المستقل لأسلاك التربية، في تصريح لـ”القدس العربي” إن “التعديلات الصادرة فى المرسوم الرئاسي 22-138 والمعدلة للمرسوم الرئاسي 07-304 الخاص بالشبكة الاستدلالية للأجور، شكلت صدمة وإحباطاً لكافة العمال والموظفين والأساتذة، خصوصاً وأن أغلبهم كان على أمل تحسين الأجور من خلال تثمين النقطة الاستدلالية”. لكن ما جاء به المرسوم، وفق النقابي، كان مخيباً للآمال فكانت الزيادات زهيدة جداً ومحصورة بين 2250 إلى 3200 دينار (نحو 20 دولاراً) كزيادة خام دون اقتطاعات الضريبة على الدخل وهي لا تغطي أبسط الحاجيات ليوم واحد. وأضاف: “كل هذا يأتي فى ظل التدني الرهيب للمقدرة الشرائية والارتفاع الجنوني للأسعار، وبالمقابل التخلي عن سياسة الدعم والتضييق على دائرة الحماية الاجتماعية”.

وأبرز المتحدث أن هذا المرسوم أجج الوضع أكثر وسبب غلياناً في الجبهة الاجتماعية، قد تكون له تبعات سيئة على الاستقرار وحسن الأدا تنذر بانفجارات مجتمعية. وخلص إلى أن مطلب تحسين القدرة الشرائية بإعادة النظر في سياسة الأجور وبزيادات معتبرة، أصبح أكثر من أولية لإعادة الاعتبار للعامل وضمان العيش الكريم له”.

ويلقى تجند العمال من أجل الإضراب مساندة من بعض الأحزاب السياسية التي انتقدت بدورها هذه الزيادات. وذكر حزب العمال الذي تقوده لويزة حنون، في هذا السياق أنه يدعم مختلف النقابات التي أعلنت تجندها الوحدوي، وقال في بيان له إنه يضم صوته إلى النداءات الموجهة إلى الحكومة لسحب مرسوم الزيادات الأخير، وطالب بـ”فتح المجال لمفاوضات جدية حول زيادة حقيقية للأجور، أخذاً بعين الاعتبار غلاء المعيشة، وللسماح بالمحافظة على كرامة العمال وأسرهم، ممّا يؤدي دون شك إلى تفعيل الاستهلاك وبالتالي إنعاش إنتاج السلع والخدمات”.

واستناداً إلى دراسات قام بها الاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابات مستقلة وعدد من مكاتب الخبراء، ذكر حزب العمال أن الحد الأدنى للأجر الضروري لمواجهة غلاء المعيشة غير المطاق يقدر بـ 80 ألف دينار (550 دولاراً)، في حين أن أزيد من 80 بالمئة من الأجراء حسبه يتقاضون بين 20 ألفاً و40 ألف دينار شهرياً، علماً أن الزيادات في الأجور مجمدة منذ أكثر من عشر سنوات في مقابل الارتفاع المستمر للأسعار، ما نتج عنه -وفق حزب العمال- إفقار فئات كاملة من المجتمع أصبحت تعيش تحت خط الفقر، مما يشكل خطراً كبيراً على التجانس الاجتماعي والوطني. ولم تجد الحكومة لحد الآن صيغة مناسبة لرفع الأجور دون التأثير على الموازنة العامة، حيث تلتهم الرواتب سنوياً نحو 28 مليار دولار يتم صرفها لأكثر من 4 ملايين موظف في القطاع العام. وكان الرئيس تبون قد قرر رفع الحد الأدنى المضمون للأجر من 18 ألفاً إلى 20 ألف دينار منتصف سنة 2020، كما أعلن عن خفض الضريبة على الدخل وإلغائها لمحدودي الأجر قبل سنة، وهي كلها إجراءات لم تستطع معادلة الزيادة الكبيرة في الأسعار التي تعزوها الحكومة لارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية وبعض سلوكات المضاربة في السوق المحلية.

ولتخفيف العبء على الطبقة المتوسطة والفقيرة، اتخذت الحكومة في الفترة الأخيرة إجراءات ذات طابع اجتماعي، مثل التصدي لمشكلة توزيع الحليب المدعم الذي يشهد الإقبال عليه طوابير كبيرة أصبحت محل تذمر من المواطنين. وخلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، اتخذ الرئيس تبون قراراً بزيادة هامش الربح بدينار في اللتر الواحد من الحليب للمصانع ودينارين للموزعين مع تكفل الدولة بالفارق، وذلك لتشجيع المحلات التجارية على بيع الحليب المدعم. كما تقرر رفع أسعار شراء العدس والفاصولياء بـ 300 دينار والحمص بـ 2000 دينار، من أجل تشجيع الإنتاج المحلي، وطلب الرئيس أيضاً العمل على رفع نسبة إنتاج الهكتار الواحد من القمح إلى ما لا يقل عن 40 قنطاراً من خلال تكثيف البحوث العلمية والفلاحية، علماً أن الجزائر تعد من أهم مستوردي الحبوب في العالم.

 

أكثر من 20 نقابة عمومية تعلن الإضراب الشامل في الجزائر

 

    عالمية

    17 Apr

 

أكثر من 20 نقابة عمومية تعلن الإضراب الشامل في الجزائر

 

قررت أكثر من من 20 نقابة جزائرية تابعة للقطاع العمومي الشروع في إضراب وطني شامل يومي 26 و27 أبريل القادم تعبيرا عن رفضها للزيادات الأخيرة التي قررتها الحكومة في أجور العمال معتبرة أنها ضئيلة.

 

وقالت النقابات في بيان مشترك، إن الإضراب المُعلن يعتبر “حركة إنذارية يمكن تصعيدها حتى تحقيق المطالب المرفوعة”، كما دعت جميع العمال إلى “التجنّد التام في هذه المحطة المهمة والفاصلة في تحسين وضعيتهم الاجتماعية”.

 

وستُشارك في هذا الإضراب مجموعة من النقابات تمثل أهم القطاعات التابعة للقطاع العمومي، على رأسها قطاع التربية، الصحة والتكوين.

 

وقبل أسبوع، كشفت الحكومة الجزائرية عن الزيادات التي اقرتها في أجور الموظفين المنتسبين للقطاع العمومي، حيث تضمن المرسوم الصادر في الجريدة الرسمية زيادات تراوحت ما بين 2250 دينارا (حوالي 16 دولارا) بالنسبة للموظف المبتدئ، و5 آلاف دينار (حوالي 35 دولارا)، بالنسبة لأعلى الدرجات في الوظيفة العمومية.

 

وأثار الإجراء غضب أغلب التنظيمات النقابية التي اشتكت في المدة الأخيرة من تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب الارتفاع المسجل في أغلب المواد الغذائية.

 

وأشارت النقابات الموقعة على بيان الإضراب إلى أن “الوضعية الاجتماعية للموظفين وكل العمال الجزائريين تنذر بانفجار الوضع وتهدد السلم الاجتماعي”، مؤكدة على “عجز الحكومة في ضبط الأسعار “.

 

ورفعت النقابات مطالب وصفها بالاستعجالية تمثلت في “الرفع من القيمة الاستدلالية إلى 100 دينار مع إنشاء مرصد وطني لحماية  القدرة الشرائية وفتح ملف الأنظمة التعويضية لمراجعة المنح والعلاوات وتحيين منح المناطق على الأجر الرئيسي الجديد بدل الأجر القاعدي لسنة 1989”.