التعديلات الأخيرة في قانون العمل الأردني: انتهاكٌ للحريات النقابية ومسٌّ من معايير العمل الدولية

أثارت المصادقة على التعديلات في قانون العمل الأردني أول أمس الأحد موجة من الجدل والسخط في الأوساط النقابية والعمالية نظرا لما تضمّنه من مواد فيها تراجع عن الحقوق النقابية بشكل خطير جدا كما يمسّ من حرية تأسيس وإنشاء النقابات في خطوة واضحة تضرب أحكام الدستور ومعايير العمل الدولية.

واعتبر المهتمون بالشأن العمالي والنقابي أن القانون غاب عنه الفهم الحقيقي لمبرّرات نشوء النقابات، التي لا يجب أن تكون نقابات تابعة للدوائر الحكومية، ولا يجب على الدولة أن تكون الوصية عليها.

كما أن القانون كان نتيجة لهيمنة تشريعية مطلقة من طرف الدولة مما جعله منتهكا للحريات ويراوح مكانه كأداة قمع وكبت للحريات النقابية، ويجعل الملف العمالي ملفا أمنيا بامتياز، علاوة أنه عكس هيمنة أصحاب العمل على دوائر صنع القرار، وتأثيرها الكبير في صياغته، مما كرّس بقاء العمال الحلقة الأضعف في العملية الإنتاجية ، وسهّل عملية إدارتهم وترهيبهم في رزقهم واستغلالهم إلى أقصى الحدود.

مصادرنا أكدت، أن التعديل الأخير في القانون قد ألغى حق أي مجموعة من العمال من أن تنشئ نزاع عمالي للدفاع عن حقوقها ومصالحها، ويعطي هذا الحق فقط للنقابات، ونتيجة لكون 94% من عمال الأردن ليس لديهم نقابات تمثلهم ( هناك 90 ألف عامل فقط بالأردن منظمين في نقابات) في الوقت الذي يبلغ تعداد الطبقة العاملة في الأردن (1.5) مليون عامل تقريباً، فهذا يعني حرمان ما نسبته 94% من العمال من حقهم بالنزاع العمال والدفاع أنفسهم، تكريساً لحقيقة أنهم الحلقة الأضعف في المعادلة، سيما وأن نفس الأمر مكرر بالمادة (44) من تعديلات القانون والتي تخص الاجتماعات العامة، تلغي نص مجموعة من العمال، وتحرمهم من حقهم بالاجتماعات الدورية مع رب العمل لمناقشة تنظيم وتحسين ظروف العمل.

كما أن القانون من خلال المادة 58 راعى بالكامل مصالح أرباب العمل على حساب العامل، وجعله عبارة عن مشروع استغلال بقوة القانون، فعلى سبيل المثال لا الحصر، سائقو الحافلات الكبيرة الذي يعملون في شركات السياحة والنقل، تتطلب طبيعة عملهم السفر داخلياً وخارجياً، والواقع الناتج عن استخدام هذه المادة من القانون من قبل أصحاب وإدارات هذه الشركات، دفعت بهم وبشكل لا إنساني الى إجبار السائق على العمل خلف المقود لأكثر من (18) ساعة متواصلة دون مقابل أو بدل عمل إضافي، الأمر الذي عرض ويعرض حياة المواطنين والركاب بشكل عام للخطر.

 

من ناحية أخرى، فقد خالفت التعديلات الدستور الأردني، عندما منح القانون الوزير حق القرار بتأسيس النقابات من عدمه، مخالفا بذلك المادة (23/2) ويقيّد حرية التنظيم النقابي الذي أقرّه الدستور، كما أن هناك مخالفة صارخة للمادة (128/1) المتعلّقة بعدم جواز تشريع قوانين تؤثر على جوهر الحقوق أو تمس أساسياتها، وبهذا القانون المعدل مساسٌ واضح بهذه الحقوق وتقييد للحريات، علماً بأن النص السابق للقانون قبل تعديلات عام 2010 كانت القرار بيد الوزير في تأسيس النقابات.

وتجدر الإشارة، إلى أن قرار المحكمة الدستورية رقم (6/2013) والذي استند على أحكام الدستور والعهدين الدوليين والاتفاقيات المنبثقة عنها، أعطى الحق لجميع العاملين في القطاع العام بحرية تنظيم أنفسهم بنقابات عمالية، وما يزال قيد التعطيل من قبل السلطة التنفيذية.

هذا واعتبر الملاحظون أن المادة (98) من القانون المعدل لقانون العمل معارضة تماما لأبسط معايير الحق في التنظيم النقابي ومخالفة صريحة للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي صادق عليه الأردن منذ 12 عاماً وهو جزء من القوانين الأردنية المعمول بها.

……………………………………………

#تعديلات #قانون_العمل #الأردن #انتهاكٌ #الحريات_النقابية #معايير_العمل_الدولية