الاردن _ قالت نتائج دراسة متخصصة ان ضعف التعليم، وضعف المعلم والمحاضر، وضعف التدريب أثناء الدراسة أو انعدامه، يؤدي إلى خريج ضعيف القدرات وبلا أي حافز للعمل والإبداع.
واشارت الدراسة التي اعدها واطلقها اليوم مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية تحمل عنوان دراسة حول الخريجون والوظائف في الأردن، فجوة التعليم والمهارات، الى وجود الدراسة فجوة بين نوعية خريجي المنظومة التعليمية الأردنية وإعدادهم والوظائف المتاحة أمامهم في اطار التأهيل والتخصص الذي تم الحصول عليه. وتناولت الدراسة التعليم المدرسي والجامعي والمهني، إضافة إلى قدرة سوق العمل على استيعاب هذه المخرجات.
كذلك أشارت الى أن أسس النجاح المستخدمة أضعفتأضعفت تحفيز الطلبة على حب العلم والتنافس الإيجابي، وبالتالي على نوعية المخرجات من المنظومة التعليمية المدرسية. كذلك غالباً ما يتحكم المعدل في الثانوية العامة بالتخصص الذي سيدرسه الطالب، وليس اهتمامه به، بالتالي عند التخرج لا يسعى إلى إيجاد وظيفة ضمن تخصصه.
وتوصلت الدراسة كذلك الى التعليم الجامعي يعتمد على التلقين باعتباره مادة جامدة، بعيدة عن الواقع، ولا تحفز على التفكير، وإن نظام القبول الذي يعتمد على الكوتا أضر بالعملية التعليمية الجامعية وفي مخرجاتها. فالالتزام في النظام التنافسي الحر يضمن عدم ظلم أحد، ويكون الدعم مرتبط فقط بالذين حصلوا على المقاعد الجامعية بجدارتهم.
وأشارت الدراسة الى أن واقع الممارسة جعل من التعليم سلعة، يمكن الحصول على الشهادة الجامعية بناء على المبلغ المالي المدفوع، والقدرة على الحصول على مقعد مدعوم (كوتا) للدراسة في الجامعة. ولأن نسبة الذين يختارون مجال دراستهم بما يتطابق مع رغباتهم ومصادر القوة التي يملكونها، قليلة جداً، فالشائع هو اختيار التخصصات الكلاسيكية، والتي تتماشى مع الصورة الاجتماعية المثلى، ثم التخصصات التي تلبي احتياجات القطاع الخاص/الحكومي.
وأوضحت الدراسة الى أن التعليم الجامعي لا يخدم الطالب في حياته العملية، فقلما يكون هنالك ربط بين النظرية والحياة الميدانية، حيث لا يوجد تدريب ميداني قبل التخرج في معظم التخصصات. وأن العنف الجامعي هو نتيجة ثقافة الاستحقاق التي تغذت بثقافة النجاح بدون تعب، النجاح التلقائي، القوة والجاه، والعلاقات الاجتماعية، وهكذا تعززت عقلية القوة والعنف ضد أي فرد يتحدى هذه الثقافة.
أما في مجال التعليم والتدريب المهني، فاشارت الدراسة الى أنه مهمش اجتماعيا، ومهنياً مطلوب، وتكمن أهميته في تأهيل الأفراد الذين لم يوفقوا في الدراسة الأكاديمية، فأخذوا فرصتهم في التدريب المهني، فالنظرة المجتمعية الدونية لهذا المجال تؤثر على الإقبال على هذا القطاع، بالرغم من أهميته.
واشارت الدراسة الى أن مطابقة التخصص بالعمل لا يعالج مشكلة البطالة، فالخريجون يبحثون عن الراتب الأعلى والمكان الأفضل، والمكانة الاجتماعية الأعلى حتى لو كان في تخصص مختلف. فالنجاح في الدراسة والمهنة لا يعني أبداً الارتقاء بالمنصب أو الوظيفة، فلا يوجد علاقة بين الانتاج/التميز، والمكافأة/الترقية. وغالبا ما يتم تأمين الوظيفة بالواسطة، وهذا انطباع الطلبة والباحثين عن العمل حتى قبل المحاولة. وأن الرغبة ما زالت في الوظيفة في القطاع العام عالية باعتبارها آمنة ومستقرة ومؤمنة (ضمان اجتماعي، تأمين صحي)، أما الوظيفة في القطاع الخاص ففيها استغلال لقدرات وطاقات العاملين، فالرواتب قليلة ولا يوجد تأمين صحي في أغلب الأحيان، مما يدفع الأفراد للتنقل بين وظائف عدة باحثين عن الظروف الأنسب.
وبينت الدراسة أن شروط العمل في القطاع الخاص غالبا صعبة (اللغات،علمالحاسوب والبرمجيات)، شروط العمل في القطاع غير المنظم فيها مخاطر وتحتاج إلى القليل من رأس المال، والأهم من ذلك تحتاج إلى فكر ريادي مستعد للمخاطرة بدلا من الاعتماد على الحكومة في تأمين الوظيفة. وبينت الدرساة كذلك الى العقلية الاتكالية التي أوجدتها السياسات الاقتصادية هي العقبة أمام أي عملية إصلاحية في سوق العمل والنظام التعليمي، على الرغم من الأسس التي تبنى في الأردن لإيجاد الاقتصاد المتحرر الذي يحتاج إلى الفكر الريادي والقدرة الابداعية.
وأوصت الدراسة الى ضرورة اعادة تأهيل ورفع كفاءة المعلمين وإيجاد معايير لتقييم الأداء أثناء العمل، وتقييم القدرات قبل التعيين في المدارس لضمان نوعية المعلم وقدرته على دفع الطلاب للتفكير بأسلوب ناقد. وأوصت كذلك بضرورة بناء كيان اقتصادي واجتماعي لقطاع التدريب المهني، من خلال رفع كفاءة وفاعلية منظومة التعليم المهني، وفق متطلبات سوق العمل والمعايير الدولية ذات العلاقة. والتشدد في تطبيق معايير العمل اللائق للعاملين في القطاعات المهنية المختلفة ليتم رفع شأن الوظيفة المهنية لتصبح شأنها شأن الوظائف الأخرى في القطاعين العام والخاص.
وأكدت الدراسة على ضرورة تطوير نظام ارشاد مهني لإيجاد رؤية لدى الطالب عما هو واقع سوق العمل، والاحتياجات اللازمة لدخوله، وتقديم أمثلة ناجحة من الأفراد وقصص النجاح ضروري جداً لإيجاد القدوة التي يحتذى بها. وأن هنالك ضرورة لتعزيز التعاون بين التعليم المدرسي والجامعي والتعليم المهني وسوق العمل، وذلك لسد الفجوات، وإرشاد الطالب إلى الطريق الذي يلبي حاجة سوق العمل ويدر عليه دخلا لائقا.
أما بخصوص التعليم الجامعي، طالبت الدراسة بضرورة عمل مراجعة شاملة لمنظومة التعليم الجامعي، وليس فقط لرفع معدلات القبول او رفع أقساط الجامعات (بحيث يصبح التعليم للأغنياء فقط). هنالك بنية كاملة بحاجة لإعادة النظر فيها، تتمثل في المكتبة والبحث والعلمي والاستاذ الجامعي والمحاضرة الى جانب مختلف عناصر العملية التعليمية في الجامعة وعلى المستويين المعرفي والمهاراتي.
وطالبت الدراسة بضرورة التخلص من الاندفاع نحو التلعيم الجامعي، وتشجيع التعليم الفني والمهني، والتشجيع على العمل في القطاع الخاص من خلال تحسين ظروف العمل فيه، اذ أن القطاع العام يعاني من ترهل ومن بطالة مقنعة. وتهيئة البيئة الملائمة لفرض انفاذ قانون العمل في مختلف القطاعات الاقتصادية الخاصة، وبناء علاقات عمل متوازنة تقوم على المصالح المتبادلة بين العاملين وأصحاب الأعمال، والتخلص من علاقات العمل الاستغلالية.
وأشارت الدراسة كذلك الى أنه لا يمكن تغيير العقلية الاتكالية لدى الأفراد، إذا لم يتم تقديم بديل إيجابي فيه حوافز ودعم وتعامل إنساني، يجعل منهم محبين لعملهم ولدراستهم، وساعين إلى التخصص والتميز.