اليوم العالمي للبيئة

اليوم العالمي للبيئة

الوجه الآخر لتداعيات التغييرات المناخية، تهديدات جدية للعمال ومواطن الشغل

 

يعد اليوم العالمي للبيئة الذي اعتمده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ويتم الاحتفال به سنويًا في 5 يونيو منذ عام 1973، بمثابة منصة عالمية رائدة لرفع مستوى الوعي حول أهمية البيئة. وهذا اليوم، الذي يحييه الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، سيقام هذا العام تحت شعار: “أرضنا مستقبلنا”. نحن #جيل_الترميم.

 

أصبح من البديهي أن يؤثر تغير المناخ على العديد من جوانب حياة الإنسان، بما في ذلك أنماط الطقس، وانتشار الفيروسات الجديدة، والهجرة وتنقل البشر. ومع ذلك، فإن عواقبه ضارة بشكل خاص بعالم العمل. ومن بين الآثار الأكثر إثارة للقلق انخفاض الإنتاجية، وتراجع فرص العمل، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي. ووفقا للدراسات الأخيرة التي أجراها مكتب العمل الدولي، فإن زيادة درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030 يمكن أن تؤدي إلى خسارة وقت العمل بنسبة 2.2٪، وهو ما يعادل إلغاء 80 مليون وظيفة بدوام كامل.

 

المخاطر المهنية المرتبطة بتغير المناخ

سوف يتأثر كل عامل بآثار ظاهرة الاحتباس الحراري، على الرغم من أن مدى هذا التأثير يختلف باختلاف وضعهم المهني وتعرضهم للمخاطر المرتبطة به. فوفقًا للمعهد الوطني للأبحاث والسلامة (INRS)، تظهر المخاطر المهنية المرتبطة بالحرارة عند درجة حرارة 28 درجة مئوية للعمل الذي يتطلب نشاطًا بدنيًا ومن 30 درجة مئوية للنشاط المستقر. ويظهر التحليل الذي يجمع حوالي مائة دراسة أجريت في ثلاثين دولة أن العمال الذين يتعرضون لظروف حرارية تتراوح بين 22 و25 درجة مئوية (اعتمادًا على كثافة العمل) هم أكثر عرضة أربع مرات للمعاناة من الإجهاد الحراري، والذي بدوره يؤدي إلى التعب، وحتى الإرهاق، ويقلل من القدرات.

تزيد الحرارة أيضًا من خطر وقوع حوادث في مكان العمل، مثل السقوط والإصابات والأخطاء البشرية عند التعامل مع المعدات، والتي قد تكون قاتلة في بعض الأحيان، خاصة أثناء نوبات الحرارة الشديدة. بالنسبة للأنشطة الخارجية، فإن التعرض المتكرر للأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة، بما في ذلك سرطان الجلد.

لكن التعرض للحرارة لا يؤثر فقط على صحة العمال. فعندما تكون درجات الحرارة مرتفعة، تتأثر بيئة العمل نفسها أيضًا: تصبح الآلات والبنية التحتية أقل أمانا وأكثر عرضة للخطر، مما يزيد من إمكانية وقوع حوادث في مكان العمل. كما يتعين على المؤسسات الانتاجية أيضًا التعامل مع غياب الموظفين وتدهور جودة العمل المنجز. وفي قطاع التصنيع، أظهرت دراسة حديثة أنه بعد سبعة أيام متتالية من درجات الحرارة التي تتجاوز 35 درجة مئوية، تزداد نسبة التغيب عن العمل بنسبة 5%. 

كما يمثل ضعف القدرات الذهنية والبدنية للعمال بسبب الحرارة أيضًا تكلفة اقتصادية كبيرة: فهي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض إنتاجية العمل، وهو ما يمكن أن يعيق النمو الاقتصادي في نهاية المطاف. ومع ذلك، فإن الدراسات التي تقيم المخاطر المهنية على إنتاجية العمل نادرة نسبيًا. ولذلك تختلف التقديرات الحالية بشكل كبير بسبب عدم تجانس المنهجيات المستخدمة.

التوفيق بين العمل المناخي والتوظيف: مسارات نحو الاستدامة

ولا يمكن للاستثمارات الضخمة في مجال التكيف مع تغييرات المناخ أن تساعد في التخفيف من الآثار الضارة لتغير المناخ فحسب، بل يمكنها أيضا أن تخلق فرص العمل كبيرة ومصادر الدخل في مختلف القطاعات. ومن الممكن أن تركز هذه الاستثمارات على مبادرات مثل توسيع نطاق الحماية الساحلية، وتعزيز المباني والبنية التحتية، وإدارة المياه بكفاءة، وتحديث تقنيات جمع المحاصيل. ومع ذلك، فإن هذا التكيف سوف يتطلب نشر التكنولوجيات الجديدة على نطاق واسع ونقل المؤسسات الصناعية من مناطق الخطر.

ففي القطاع الزراعي، على سبيل المثال، يمكن أن يكون للتكيف مع تغير المناخ تأثيرات متفاوتة على العمالة والدخل، اعتمادا على متطلبات العمل للمحاصيل الجديدة، والممارسات الزراعية المعتمدة وتوافقها مع المزارع الصغيرة. ولتمكين هذه الاستثمارات في التكيف، من الأهمية بمكان أن يتمكن المزارعون ذوو الدخل المنخفض والمؤسسات الصغيرة والمجتمعات المحرومة من الوصول إلى التمويل المناسب. ويتطلب هذا مساهمة كبيرة من الجهات المانحة ووضع سياسات حكومية واضحة، كما يتضح من العديد من البلدان التي اعتمدت بالفعل برامج وطنية للتنمية المستدامة.

ووفقا لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية استنادا إلى التقييمات الكمية التي أجريت بشكل رئيسي في البلدان الصناعية، فإن التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون ينبغي أن يؤدي بشكل عام إلى زيادة صافية في الوظائف. ومع ذلك، قد يكون هذا المكسب قليلا، لأن هذا التغيير ينطوي على تحولات عميقة في أسواق العمل، مع خسائر كبيرة في الوظائف في بعض القطاعات، تقابلها مكاسب أكبر في قطاعات أخرى. ومن المتوقع أيضًا أن الوظائف المفقودة هي في الأساس وظائف جيدة الأجر، وفي هذه الحالة، يمكن أن يكون دور المفاوضة الجماعية حاسما في تيسير التكيف مع سوق العمل مع تخفيف التكاليف الاجتماعية. ومن الممكن أن تركز هذه المفاوضات بشكل خاص على المهارات المطلوبة لتسهيل هذا التحول.

≠اليوم العالمي≠ للبيئة≠